كيف يمكن تحويل قلب مريض إلى قلب سليم ؟

د.سعد بن فلاح العريفي
الحمد لله. أما بعد :
فإن كنت تقصد مرضا عضويا فالعلاج عند الأطباء . وإن كنت تقصد الأمراض المعنوية : فعلاجه بما يلي :
أولا : لا بد من التخلية قبل التحلية . بمعنى أن تخلي قلبك من جميع أسباب الأمراض . فإن كان سبب المرض الشهوات ، وجب عليك أن تبتعد عن كل ما يثير الشهوات ويمرض القلب من النظرالى الصورالخليعة في القنوات وغيرها .
كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر
يسر مقلته ما ضر مهجته لا مرحباً بسرور جاء بالضرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على الخطر.

قال تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) .
أو غناء فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : {الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل} 0
أو غير ذلك من أسباب الفتن . وإن كان سبب المرض الشبهات فأول العلاج الابتعاد عن كل من يروج للشبهات سواء عن طريق القنوات اوغيرها وعدم سماع كلامهم، والتسليم لله جل وعلا .ثانيا : قراءة القرآن وتدبر معانيه قال تعالى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد : 24] وقال (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر : 21]
ثانيا : التفكر في ملكوت الله جل وعز قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [البقرة : 164] وقال (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر : 67]
ثالثا : تذكر الموت والحساب (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون : 100]
رابعا : تذكر النار وما فيها من أهوال والجنة وما فيها من نعيم، قال تعالى (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً (21) لِلْطَّاغِينَ مَآباً (22) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً (23) لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً (24) إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً (25) جَزَاء وِفَاقاً (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً (29) فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً (30) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً (33) وَكَأْساً دِهَاقاً (34) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا كِذَّاباً (35) جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَاباً (36)) سورة النبأ والآيات والأحاديث في صفة الجنة والنار كثيرة .
خامسا : الاجتهاد في العبادةوطلب العلم وسؤال الله الهداية فمن سأل الله بصدق واجتهد وفقه الله تعالى ، قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) [العنكبوت : 69].سادسا : قراءة سير الصالحين والاقتداء بهم . فهم الأسوة والقدوة ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحشرنا في زمرتهم من النبيين والصديقين والصالحين . آمين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين